عبد الوهاب الأديب الفنان![ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] بقلم: انيس منصور*لا أخفي إعجابي بمحمد عبد الوهاب الموسيقار والمطرب وكنت أردد أغانيه لنفسي وتلامذة المدرسة. ووجدت تشجيعا لأن صوتي جميل. وأنا صغير كنت أغني له: يا وابور قل لي.. ويا جارة الوادي.. ومن زيك عندي يا خضره.. أنت عزولي وزماني. حرام عليك.. ويدهشني أنني كنت أغني في البلكونة ويسمعني زملائي. هذا الترتيب من عندي ولا أعرف لماذا. وازداد إعجابي بعبد الوهاب كلما كبرت أو أنني أحببته العمر كله..
وعندما تركت صحيفة «الأهرام» سنة 1952 إلى «أخبار اليوم» كان عبد الحليم حافظ يتردد علينا لكي ننشر له صورة أو خبرا. وكنا نغلق الباب علينا لكي نغني له. وكنا أربعة ويسمعنا عبد الحليم ويقول: الله.. ولم نكن نطلب إليه أن يغني فقد كانت له أغنيتان من تلحين الموجي.
وفي يوم أقنعني عبد الحليم أن صوتي جميل ولماذا لا نذهب إلى عبد الوهاب لاعتماد الصوت. وبعد ذلك أترك التدريس في الجامعة والكتابة في الصحف وأتفرغ للغناء. أقنعني فاقتنعت. وذهبنا إلى عبد الوهاب: عبد الحليم حافظ والشاعر الغنائي مأمون الشناوي والموسيقار كمال الطويل. والهدف أن أكون مطربا.
وكان في مكتبه. فوجدناه يرافق بالعود امرأة ريفية افترشت الأرض وتغني. وعبد الوهاب يقول لها: الله الله. فاقتربت من عبد الحليم حافظ وهمست في أذنه أن صوتها ليس جميلا في أغنية صعبة مثل عاشق الروح. فكان رد عبد الحليم: أنت لا تعرف أن عبد الوهاب أكبر مجامل في الدنيا!
مجامل؟ يعني يقول لي: صوتك حلو.. فأترك الجامعة والصحافة وأتسول في الشوارع. وطلبت من الأصدقاء أن ننصرف. وانصرفنا. وكتبت القصة. وظهر عبد الوهاب في التليفزيون يقول: إنني ظلمته. فلم أستمع إلى صوته. وعلى كل حال إذا كان خسارة على الطرب فهو مكسب للأدب!
إلى أن كان يوم ونحن في بيت عبد الوهاب وأصر أن أغني له. فغنيت أغنية ليست من لحنه كأنني أردت أن أضايقه وأغيظه. فقال: الله.. الله..
وكأنني لم اسمع شيئا. وهرولت إلى مكتبي..
وراجعت نفسي. واكتشفت أن إعجابي كان لشيء آخر. كان إعجابي بأسلوب عبد الوهاب: السهولة في الأداء وانتقاله إلى المقامات دون عناء وإنما باقتدار فريد. أي الذي أعجبني هو الموسيقار البديع والمطرب الرائع.. والأداء السهل المريح..
أي إعجابي بالأديب الفنان محمد عبد الوهاب.. وفى عشاء فاتن حمامة همس عبد الوهاب في إذني: هل كنت جادا في أن تتفرغ للغناء؟ قلت: كان في نيتي لو أنت وافقت. ولكن فكرت وأطلت التفكير فاكتشفت أن السبب شيء آخر يدهشك. قال: ماذا؟ فقلته له. فقال: إذن أنت تستطيع أن توجه من يريد أن يؤلف كتابا عني. ولم يقل لي أن تؤلف أنت كتابا عني. ولكني لا أستطيع لو أراد عبد الوهاب، لأنه من الضروري أن أفهم في الموسيقى لأعرف مواطن الإبداع والجمال في التأليف الموسيقي.