اشاد بدور القيادة السياسية
البابا شنودة: مشروع قانون الأحوال الشخصية خطوة جيدة على الطريق
اعتبر البابا شنودة الثالث بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية خروج مشروع قانون الأحوال الشخصية لغير المسلمين من الأدراج والبدء في مُناقشته خطوة جيدة على الطريق، مُشيراً إلى دور القيادة السياسية البارز في هذا الشأن، والتي بدأت بتشكيل وزير العدل لجنة لمُناقشة مشروع القانون تتضمن مُمثلين من كافة الكنائس.
وأضاف البابا شنودة أن ذلك يُعد في حد ذاته روح طيبة من الدولة للعمل على حُسن سير العلاقات بين الناس، مُعرباً عن أمله في خروج القانون للنور في القريب العاجل.
جاء ذلك على هامش حوار أجرته المذيعة لميس الحديدي مع قداسة البابا شنودة في برنامج "من قلب مصر" على قناة "نايل لايف" بالتليفزيون المصري.
وحول رأي البابا شنودة بشأن حُكم محكمة القضاء الإدراي بإلزام الكنيسة باستصدار تصريح للمُطلق بالزواج الثاني، أكد مُجدداً أنه ليس هناك خلاف مع القضاء ولكن الخلاف هو بشأن الحُكم الصادر من القضاء، وأن هناك التزام ديني مُرتبط بتعاليم الإنجيل.
وحول ما يتعلق بتنفيذ حُكم المحكمة أكد البابا شنودة بالنسبة للأمور المدنية نحن نحترم القضاء وننفذ أحكامه، ولكن هذا الحُكم يخص أمر ديني بحت ويدخل في ضمير الكنيسة، وأنه سيتم التعامل معه من خلال الاجراءات القانونية لإيقافه.
وأوضح البابا شنودة بشأن اللائحة 38 أنه لم يتم وقف العمل بها جُملة، ولكن قمنا بتصحيح العديد من بنودها لتتوافق مع تعاليم الإنجيل، مُشيراً إلى عدم استطاعته السير في خطأ الماضي بالرغم من تأكيده على رفض رجال الدين الذين كانوا من قبله للعمل بهذه اللائحة.
وحول ما يُثيره البعض بشأن قيام البابا شنودة الأخذ بظاهر النص وليس بمضمونه، واقتطع الآية من سياقها التاريخي والاجتماعي وجعل ذلك قانوناً على البشر، وأن هناك ظروف ومُناسبات خاصة تتعلق بنص الآية التي تقول "لا طلاق إلا لعلة الزنا"، قال البابا شنودة أن من يقول ذلك لم يقرأ الإنجيل، مُشيراً في ذلك لعظة السيد المسيح على الجبل فهي كانت للناس جميعاً ولم يكن في ذلك الحين أية مُناسبة.
وشدد البابا شنودة على ضرورة العقوبة الرادعة من أجل سير العلاقات الحسنة بين الناس، مُشيراً في ذلك للعقوبة الإلهية لآدم وحواء في بداية الخليقة عندما خالفا وصاياه، وأن الله يُسامح ويغفر للإنسان، هذا كما حدث مع المرأة الزانية بالرغم من إدانة الآخرين لها.
وأوضح البابا شنودة أن الله يغفر للإنسان في نطاق مُعين، ولكن لا يسمح باستمرار الخطأ، مُشيراً إلى استطاعة الإنسان سواء كان رجلاً أم امرأة أن يغفر كل منهما للآخر أي شئ، إلا خطيئة الزنا ولذلك يُطلق عليها "خيانة زوجية" ولا يُقال عليها مُخالفة، وأن الله يعلم تماماً أن هذه الخطيئة بالذات لا تغتفر لذلك جعلها الله سبباً للانفصال.
العودة إلي أعلي
الكنيسة لا تمنع الزواج الثاني
وفي مُحاولة لإقناع البابا شنودة بأنه على مستوى البشر يُعتبر ذلك تشدداً، على اعتبار أن الإنسان يُمكنه الندم والرجوع والعودة إلى صوابه، وربما يُقيم حياة صالحة بعد ذلك، أكد البابا شنودة بأن الكنيسة لا تمنع الزواج الثاني على الإطلاق، ولكن العقاب يقع على الطرف المُذنب فقط، بينما الطرف البرئ فمن حقه أن يتزوج ثانية بعد حصوله على تصريح من الكنيسة بذلك.
ومن جانبه وضع البابا شنودة مُقارنة لفصل الخلاف في هذا الأمر من حيث الإنسان الأعزب عندما يُخطئ فله عُذره، أما الشخص المتزوج الذي يُخطئ لا يُمكن التسامح معه، وأنه كيف يؤتمن على زوجة ثانية وهو لم يكن أميناً مع زوجته الأولي ..؟ وأنه لابد من العقوبة الرادعة، والتي من شأنها الحيلولة دون الاستمرار في الخطأ، وأنه دائماً العقوبة الرادعة تؤدي إلى حُسن السير في المستقبل.
وأضاف البابا شنودة أنه لضمان حُسن سير العلاقات الزوجية يجب عدم الاسراع في الزواج بدون ضمان وحدة الفكر ووحدة الطباع والعشرة بين الطرفين، بمعنى لابد أن يكون هناك انتقاء واتفاق في الفكر بين كلا الطرفين.
وعلى جانب آخر أكد البابا شنودة أن الكنيسة الآرثوذكسية ليست هي الوحيدة التي لا تقبل الزواج الثاني المرتبط بعلة الزنا، مُشيراً في ذلك إلى توقيع كافة رؤساء الكنائس على مشروع القانون في عامي 1980 و 1998 والذي يتضمن "لا طلاق إلا لعلة الزنا"، بل وفي مشروع القانون الحالي.
العودة إلي أعلي
قانون الأحوال الشخصية
وحول ظهور بعض الخلافات على السطح بشأن قانون الأحوال الشخصية والذي يُناقش الآن من قبل لجنة وزارة العدل، أوضح البابا شنودة بأن هذه الخلافات لم تأت من قيادات الكنائس ولم يكن هناك اختلاف في تفسير النص كما يدعي البعض، ولكن هناك البعض من القساوسة الذين لهم أفكار وتعاليم خاصة يقوموا بترويجها عبر وسائل الإعلام المختلفة، وأنها لم تمثل فكر العقيدة على مستوى الطائفة، مُشيراً في ذلك إلى ما يُثيره البروتستانت من أفكار خاصة لا تمثل عقيدة ثابتة، وأن استمرار العمل في ظل وجود الثوابت العقائدية سيكون من شأنه التغلب على بعض نقاط الخلاف.
وأضاف البابا شنودة بالرغم من وجود بعض الخلافات العقائدية بين الطوائف إلا أنه لم يكن هناك أية خلافات بالنسبة لقضايا الأحوال الشخصية، والكل يُجمع على صراحة النص "لا طلاق إلا لعلة الزنا" ولم تكن هناك أية اجتهادات لإخضاع النص للتفسيرات.
وأوضح البابا شنودة التباس الأمر الذي حدث للناس بأن للبابا شنودة توصيات باقصاء إكرام لمعي من لجنة مناقشة القانون، بأن هذا اللبس جاء بسبب تشابه أسماء، وأن هناك شخص آخر يُدعى المستشار مكرم لمعي وقد اختاره وزير العدل للمُشاركة في لجنة المُناقشة دون استشارة البابا شنودة في هذا الشأن، بينما إكرام لمعي هو قس إنجيلي وليس مستشاراً ولم يكن منوطاً بالمُشاركة في اللجنة من الأساس.
وحول موضوع "التوريث" في المسيحية قال البابا شنودة أنه لا يوجد تشريع أو قواعد في الإنجيل بخصوص الميراث، بينما ساد العُرف على السير وفقاً للشريعة الإسلامية في هذه المسألة.
وحول موضوع "التبني" قال البابا شنودة إنه بالرغم من تضمن مشروع القانون عام 1980 فصل بشأن التبني إلا أن مشروع القانون عام 1998 وافقت الكنيسة على عدم تضمن مشروع قانون الأحوال الشخصية لقضية التبني، بسبب اعتراض الأخوة المسلمين عليها، وإنه لم يكن لدينا آراء أخرى بشأن هذه القضية بعد أن وقع على مشروع القانون جميع الرئاسات الكنسية في ذلك الحين، مؤكداً على استمرار هذا الرأى في مشروع القانون الحالي.
وحول الآمال المرجوة من قانون الأحوال الشخصية لغير المسلمين الجديد ومدى أهميته في حل قضايا الزواج، أكد البابا شنودة أنه على الأقل موضوع الأحوال الشخصية سيصبح محكوماً بقانون وليس بلائحة 38 أو أية قواعد أخرى.
وأشاد البابا شنودة بتحسن أوضاع الأقباط في مصر خاصة فيما يتعلق ببناء الكنائس، ونجاح بعض الأقباط في انتخابات التجديد النصفي لمجلس الشورى الذي تمت مؤخراً، إلا أنه يرى أن هناك بعض الأمور تحتاج النظر مثل تقلد الأقباط للمناصب العُليا والمُشاركة السياسية والبرلمانية.
وفي سياق آخر أعرب البابا شنودة عن أمله في أن يتم الإسراع في الحُكم بشأن حادث "نجع حمادي" الذي وقع في يناير الماضي حتى لا تتراكم الأشياء وتحدث ترسبات فوق بعضها.
وأشار البابا شنودة إلى أن واجبه في المقام الأول هو الاهتمام بالأمور الروحية للناس للوصول بهم إلى محبة الله وإطاعة وصاياه وبقدر الإمكان مُساعدة المُحتاجين، بينما عندما تصل الأمور إلى فوق طاقته سوف يضع نفسه بعيداً عنها.
العودة إلي أعلي
لائحة انتخاب البطريرك
وحول موضوع لائحة انتخاب البطريرك أكد البابا شنودة تمسكه باللائحة المعمول بها الآن، وأنه لا يصح العمل بلائحة تكون مُفصلة على شخص مُعين أو تكون مُفصلة لمنع شخص مُعين، أما النقطة الفاصلة في هذه الموضوع وهي "القرعة الهيكلية" والتي مازالت تحظي بموافقة الجميع عليها.
ومن جانبه نفى قيامه بإعداد أشخاص بعينهم ليكونوا سنداً له وخلفاً له سواء على مستوى القساوسة أو الأساقفة، مُشيراً في ذلك لمقولة الخليفة عمر بن الخطاب "لا أريد أن أحمل المسئولية حياً أو ميتاً"، بل ونفى أيضاً التحدث عن إنجازاته الشخصية على مدار نحو 40 عاماً مُنذ اعتلائه كرسي البابوية نحو الكنيسة وشعبها، قائلاً: "أنا لم أعمل شيئاً بينما الله هو الذي يعمل كل شئ".